الأحد، 15 نوفمبر 2015

تَخاريف نُص مِيتر عَقلُه طَار (57) - 15 أغسطس 2015.

يوم 15 أغسطس 2015 .. علمت بوفاة جدتي رحمةُ الله عليها ولم يتسني لي وداعها ولم يتسني لي أن أتواجد بجانب أهلي نظراً للظروف .. ملحقتش أسلم عليها و لا أقولها قد إيه أنا بحبها وبقدر حنيتها وطيبتها و إهتمامها الزائد .. ذكرياتي معظمها مرتبطة بيكي مع اننا مكناش قريبيين، فمكنش ينفع اجي من كام يوم ومعديش، مع اني فضلت في الشارع اتأمل وأعيط من بعيد ومقدرتش اتحرك ولا اطلع. :)

بفتكر كام مرّة فضلتي صاحية لغاية أمّا نرجع البيت وتطمني علينا مع إنك مُش مضطرة نهائي .. كان مُمكن تقولي مامتهم موجودة و هي مسؤولة .. و كام مرّة كُنتي بتسألي علينا في اليوم و تعرفي أخبارنا .. و كام مرة نقولك علي سِر و عُمرك أبداً أبداً ما قولتيه لحد حتي ماما .. و كام مرّة روحت أقول لماما إن الموضوع مُزعج  وإنه إهتمام زيادة و جدتي محبكاها شوية و إننا كبرنا ومحتاجين مساحة لنفسنا، دلوقتي أتمني اليوم اللّي ترجعي فيه وألاقي اللّي يرفع سماعة التليفون ويسأل عليّ حتي لوّ زيادة ..

وحشني قعدتك .. وحشني المُناكفة معاكي .. وحشني الكلام عن العيلة و عن لميس الحديدي و عن مُني الشاذلي و عن المُسلسلات الي كُنتي بتحبي تتفرجي عليها .. وحشني الشُربة بتاعتك و ساندويتش الجبنة السايحة و الكحك و الملوخية و البيتزا و المحشي .. وحشني قزايز البيبسي في البيت  و عصير المانجا و الرُمان .. وحشني ميدان الجامع و نجمة هليوبليس .. وحشني ساندويتشات الشاورما و السفن (أيوة لسة بسمعها كأن حضرتك اللي بتقوليها :) ) .. وحشني أسمع صوتك وإنتي بتقوليلي (إزيك يا سوستا؟. كُنتي بتعرفي صوتي من أول لحظة حتي في عز تعبك وأواخر أيامك :) ) .. وحشني نادي هليوبليس و البيسين و مكنة البيبسي و كنتاكي و الأيس كريم .. وحشني قميص النوم اللّي عليه عروسة و الحاجات اللّي كُنتي بتحبي تخيطيبها و تعمليها بإيدك للبيت .. وحشني ضحكتك .. وحشني زيارات العيلة والتجمُعات في عيد ميلادك و في العيد ..سيبتي فراغ مفيش حد تاني عِرف يملاه حتي ماما. مهما الواحد حكي لحد شعور الوحشة دة مبتحكاش فعلاً ..

الموت الحقيقة اللّي كُلنا بنهرب منها مع إننا كُلنا هنعيشها .. الموت ملوش سن و لا معاد و قريب جداً بس احنا اللّي مُش عايزيين نحس بيه .. و مبنحسش و لا بنتعلم غير لما يحصل قُدامنا .. و مش لحد نعرفه بس من صُحابنا، و لكن كمان لحد قريب مننا .. لما حد يسيب الدنيا ويمشى .. فتسمع جملة " الحياة لازم تمشى" .. ماشى الحَياة هتمشى .. بس هتمشى ناقصة .. هتمشى وهى ناقصة أشخاص سابتلنا ذكريات .. سابتلنا مواقف .. أشخاص كانت على طول بتفرحنا ..  الأشخاص دى مش هتكرر تانى عشان إحنا وصلنا لمرحله إن نادر إنك تلاقى حد حلو .. حد بيحبك أكثر من نفسه .. الحياة اه ماشيه بس ناقص مِنها حد حلو جداً هنعيش على ذكرياته حتى لو مش هنشوفه تانى ..

سُبحان الله، بس فعلاً الواحد مُخه مابيستوعبش فِكره مُوت حد بيحبه و تلاقيه بيقنعه إن اللّى ماتده مسافر و هيرجع تانى .. أنا والله لحد دلوقتي مش قادرة استوعب .. او انا مش عايزة استوعب .. لا المواساه و لا العياط و لا وجود حد جنبي هيهديني و يعدي الموضوع أسرع .. و مهما أي حد فينا مش ظاهر عليه الوجع و الضيق و الكسرة و الحُزن، نفسي الناس تعرف إنه غالباً موجوع و مكسور أكثر من كل الناس إن سنده مبقاش موجود .. حياتنا هتمشي .. ايوة الحياة مبتقفش .. بس ما زلت نفسي أنام و يطلع الموضوع كله حلم و محصلش .. مش مشكلة اللخبطة كلها بس تكوني حوالينا .. 

و الله و الله مفيش حاجة مستاهلة .. كل حاجة كانت فداكي .. مفيش rewind .. كنت عمالة أدعي باليوم اللّي صحتك هتتحسن و نقعد نفرحك و نتكلم و ندردش سوا و نخرجك برة بقي و ترجعي بيتك زي ما كنتي بتدعي .. العجز وحش .. الفُراق صعب .. انك مش قادر تساعد حد .. انك مش هتشوف حد تاني .. انك مش قادر تقوله انك بتحبه و تحضنه و تطيب بخاطره مرة أخيرة .. انه بقي لوحده مع الأرحم بيه منّا جميعاً .. ان اللّي بيحبك أكثر من نفسه بقي خلاص مش موجود ..

نانا وحشتني. وما زلت فعلاً مش مستوعبة إني برجع مُش بلاقيكي موجودة. كُنتي وهتفضلي أحن وأطيب حد عرفته في حياتي. ومهما قولت أو حكيت محدش هيفهم شعوري ولا تفاصيل كثيرة، ولا عن اللّي حصل ضايق وفرّح ووجع وصدم ودمّر كُل البديهيات، ولا عن ناس خذلت وفشلت تكون موجودة في أشد وقت الحاجة الكام سنة اللّي فاتوا. مش قادرة أقول غير ربنا يرحمك يا نانا يا حبيبة قلبي .. ويا رب تكوني مسامحاني عن تقصيري. أنا فعلاً آسفة، وربنا يسامحني لاني مش عارفة أسامح نفسي .. لعلّ الله يؤدبنا ويُعلمنا وينتقي خير من فينا كيّ نتعظ. أنتي برفقة الرحيم العفوّ، فيا رب يُثبتك و يعفو عنك و يغفر لك كُل حاجة و تكوني عروس جميلة تُزف إلي الجنة دلوقتي .. نلقاكي في الفردوس الأعلي برحمته .. و يا رب يُربط علي قُلوبنا جميعاً .. وحشتينا يا نانا و هتفضلي توحشينا ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق